mercredi 19 juin 2013

هل كانت انجلينا جولي على حق؟؟


بعد وفاة أمها وخالتها بسرطان الثدي، قررت الممثلة الأمريكية انجلينا جولي (Angelina Jolie) إستئصال ثدييها والمبيضين (ovaires) لتفادي خطر السرطان. وقد اتخذت هذا القرار بعدما علمت أنها تحمل، مثل والدتها، خللاً في الجين BRCA1 يرفع إحتمال اصابتها بالسرطان إلى نسبة ٨٧٪ لسرطان الثدي، ونسبة ٥٠٪ لسرطان المبيضين. في مقال لها نشر في النيويورك تايمز في ١٤ ايار ٢٠١٣، عمدت الممثلة على إعلان قرارها وعدم إجراء هذه العمليات بشكل سري لتقول للنساء في نفس حالتها انهن يملكن الخيار لتغيير مصيرهن الذي قد يكون محتوماً في بعض الأحيان... هل كانت انجلينا جولي على حق ؟ ما هو دور الجينات في سرطان الثدي؟ وكيف يمكن للعلم توقع الاصابة به؟




يعتبر سرطان الثدي من أخطر أنواع السرطان التي تصيب المرأة، وفي حين كان منتشراً خصيصاً في البلدان المتطورة (الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، فرنسا و غيرها...)، أصبح إليوم يهدد النساء في مختلف أنحاء العالم!! لا يمكن تحديد سبباً واضحاً للإصابة بهذا المرض، ولكن يمكننا الحديث عن مجموعة عوامل تساعد على التأسيس لورم سرطاني. من أهم هذه العوامل، توارث خلل جيني معين (mutation génique) ينتقل في العائلة ويظهر ذلك جلياً ببروز حالتين أو أكثر من سرطان الثدي في العائلة القريبة (أم، أخت، خالة،...)؛ من أهم هذه الجينات: BRCA1، BRCA2 (أو ما يعرف بجينات سرطان الثدي) و p53. هذه الجينات في الاصل لها دور أساسي في الحفاظ على الخلايا سليمة، فهي '' حارسة الخلايا '' وتسبب موتها عندما تصبح الخلية هرمة أو عند حصول أي خلل في جيناتها. لكن عندما تتعطل هذه الجينات الحارسة، تبدأ الخلايا بالانقسام إلى ما لا نهاية وهذا ما يسبب ظهور الورم السرطاني. نمتلك الكثير من هذه الجينات الحارسة ولكن الجينات المذكورة أعلاه هي الأكثر إرتباطاً بسرطان الثدي. أما العوامل الأخرى فهي كثيرة ومن بينها، التقدم في السن، الحيض المبكر، التأخر في الانجاب، إستهلاك كبير لحبوب منع الحمل.. وكل ما يزيد من تعرض  المرأة لكمية أكبر من هرمون الأسترجن (œstrogènes) الذي ينشط إنقسام الخلايا السرطانية عندما تتكون. علماً أن خطر هذه العوامل وحدتها يرتبط بنمط حياتنا، فيزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي إذا ترافقت العوامل التي تم ذكرها  مع الادمان على الكحول، السمنة، قلة النشاط الجسدي...




الضجة التي احدثتها جولي حول الموضوع، تزيد من رغبة النساء في '' فحص '' جيناتها!! ولكن هذا الفحص غير متوفر للجميع، فهو يوصف فقط في حال وجود حالات من سرطان الثدي في العائلة (كما في حالة جولي). ويعمل هذا الفحص على مقارنة جينات المريض بجينات شخص غير مصاب لمعرفة إذا كان هناك من خلل ما، وتحديد مدى خطورته. بالرغم أن إستئصال الثدي والمبيضين أصبح شائعاً في الولايات المتحدة (٣٦٪ من النساء التي تحمل خللاً جينياً في BRCA تعمد إلى هذا الخيار)، تملك النساء في هذه الحالة خياراً أخراً - قد يكون منطقياً أكثر - وهو الوقاية بإستهلاك، لمدة ٥ سنوات، التاموكسيفن (Tamoxifen)،  وهو في الأصل دواء مستخدم لمعالجة سرطان الثدي. إستعمال التاموكسيفن  حالياً  كوقاية يحد من ظهور السرطان بنسبة ٧٠٪،    ولكن هذا الدواء، للاسف، لا يلائم كل النساء وله عوارض جانبية... كما يمكن للنساء التي يعتبر إحتمال اصابتها بسرطان الثدي مرتفعاً أن تجري فحوصات دائمة ودورية ليتم إكتشاف السرطان منذ تكونه ومن ثم إستئصاله. وتشير دراسة اجريت على ٧٠١ مصابة بسرطان الثدي أن نسبة الوفاة كانت مشابهة عند النساء التي قررت إستئصال السرطان فقط وتلك التي قررت إستئصال الثدي بالكامل. من جهة ثانية يعتبر الاخصائيون أن الفحص الجيني يقدم معلومات إضافية من دون شك ولكن من الصعب في غالب الأحيان تفسيرها بشكل دقيق. كما أن هذا الفحص، وحده، غير كافي لتحديد خطر الإصابة بالسرطان، وذلك بسبب العلاقة المعقدة بين الجينات والبيئة (نمط الحياة، العمر...) ما يتطلب المزيد من الأبحاث في السنوات القادمة.  لذلك يعتبرون أن هناك عمليات إستئصال للثدي وغيرها اجريت في وقت كان من الممكن تجنبها...

تشكل حالات توارث الخلل الجيني المسبب لسرطان الثدي  نسبة ٢٠٪ من إجمالي الحالات، أما الحالات الأكثر إنتشاراً (٨٠٪) تحدث بشكل تلقائي!! لذلك، مهم جداً القيام  بالفحص الشعاعي للثدي، سنوياً بعد سن ال-٥٠ سنة في حال عدم وجود حالات من سرطان الثدي في العائلة، أو مرتين في السنة بعد سن ال-٤٠ للنساء ذات الإحتمال الأكبر بالإصابة بمرض السرطان (وراثة، أسترجن...). علماً أن الأمور تختلف بين إمرأة وأخرى وأن الطبيب وحده قادر على تحديد السن المناسب  لإجراء الفحوصات ووتيرتها منطلقاً من نمط حياة وحالة كل مرأة.

أخيراً، خبر سار للأمهات، تشير الدراسات الحديثة أن ارضاع الاطفال لمدة سنة على الأقل قادرة، بالإضافة لما لها من منافع على صحة الطفل ونموه، على حماية المرأة من سرطان الثدي، ارتفاع الضغط وأيضاً الذبحة القلبية!!  


المصدر:
1) Angelina Jolie,  My medical choice, The New York Times, 14 May 2013
2) Doug Easton, Evidence of gene-environment interactions between common breast cancer susceptibility loci and established environmental risk factors, PLoS Genet, 27 Mars 2013 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire