mercredi 24 juillet 2013

الأرق... يقتل!! هل كان مايكل جاكسون ضحيته؟؟

مايكل جاكسون، مغني الPOP العالمي، توفي سنة ٢٠٠٩ عن عمر ٥٠ سنة. ما زالت هذه الحادثة تشغل الكثرين وما زالت التحقيقات جارية لمعرفة أسباب الوفاة. مؤخراً، إتخذ موضوع الارق الذي كان يعاني منه المغني حيزاً مهماً في الجدل القائم حول سبب وفاته إذ أكد الخبراء، خلال جلسات المحاكمة المقامة ضد شركة (AEG Live) متعهدة حفلات جاكسون، أن مايكل لم ينعم بنوم '' حقيقي '' مدة ٦٠ يوماً متتاليا وقد كان مدمناً على الادوية المنومة، متهمين بذلك الشركة والطبيب المكلف الاعتناء بمايكل بالإستهتار بصحته... . هل هو الأرق أم الافراط في الحبوب المنومة وراء وفاة المغني؟ ما أهمية النوم السليم ؟ وهل تصل خطورة الأرق إلى حد الوفاة؟

  

خلال النوم، يكرر الجسم دورة من ٤ مراحل مختلفة مدتها ٩٠ دقيقة. هذه الدورة تتكرر إلى حد ٥ مرات خلال الليل وتبدأ بمراحل ثلاث تسمى NON-REM (حركة العين غير سريعة) يتم خلالها خفض حرارة الجسم ودقات القلب وتيرة التنفس ويزداد خلالها النوم عمقاً مما يساعدنا على شحن طاقتنا وإعطاء دماغنا قسطاً من الراحة، كما أن الجسم في هذه الحالة من النوم العميق يفرز هرمونات متعددة أهمها هرمون النمو ( growth hormone) ما يمنحنا نمواً صحياً. المرحلة الأخيرة من هذه الدورة والتي تسمى حركة العين السريعة (REM: Rapid Eye Mouvement) تبلغ مدتها ١٠ دقائق، تصبح أطول من دورة إلى أخرى. خلال هذه المرحلة،(كما يدل اسمها) ، يبدأ بؤبؤ العين بالتحرك بشكل سريع، يستفيق الدماغ ويعود لنشاطه كما في اليقظة في حين يبقى الجسم نائماً، وهذه الحركة النشيطة للدماغ تشكل لدينا الأحلام!! يعتبر Dr. Epstein إذا كنا نحلم باللحاق بالباص للذهاب إلى العمل مثلاً، تنشط لدينا منطقة الدماغ المسؤولة عن تحريك الارجل وأخرى التي تشعرنا بالقلق - قلق التأخر عن دوام العمل- ولكن الجسم لا يستجب لأوامر الدماغ لأن العضلات ما زالت مسترخية وجسمنا نائم. على الرغم من عدم معرفة، بشكل دقيق، أهمية هذه المرحلة الأخيرة REM على الصحة بشكل عام، إلا أن الأطباء يعتبرون أن هذه المرحلة من دورة النوم مهمة جداً في تقوية الذاكرة وإنضاج العواطف...

الحبوب المنومة، Propofol، التي كان يتعاطاها جاكسون والتي كان يعتبرها '' بأهمية الحليب ''، تحرم الجسم من مرحلة ال-REM وتجعل الانسان خلال نومه كأنه فاقداً للوعي. وعلى الرغم أن هذه الحبوب، تشعر الانسان عند استيقاظه، أنه نام جيداً لكن فحصاً بسيطاً لقدراته العقلية يظهر مشاكل كبيرة في الذاكرة، التركيز، والمزاج. تأكيداً على أهمية هذه المرحلة من النوم (REM) لاحظ الباحثين أن جرذان المختبر تموت، في مدة لا تزيد عن ٥ اسابيع، في حال لم يتضمن نومها مرحلة ال-REM الاخيرة.

 على الرغم أن الأطباء الذين تابعوا عن قرب حالة جاكسون يعتبرون أنها استثنائية ولن تحدث بشكل منهجي لكل من يعاني من مشاكل في النوم أو يأخذ حبوباً منومة، إلا أن دراسة حديثة اجريت سنة ٢٠١٢  اظهرت أن الافراط في تناول الحبوب المنومة يرفع من نسبة الوفاة.  فبعد مراقبة ألاف الأشخاص، تبين أن نسبة الوفاة تزداد ٥٪ عند تناول الحبوب المنومة. هذه الدراسة ما زالت أولية ولا تسطيع أن تجزم التورط المباشر لهذه الحبوب بالوفاة ولكنها تعتبر أن المفعول المهدئ الذي تمتاز به هذه الحبوب، يجعل الانسان أكثر عرضة للحوادث (كالوقوع...) بالإضافة إلى كونها تسبب مشاكل في منظومة التنفس وعمل إلقلب؛ هذا ما قد يشرح جزئياً خطورتها على الحياة.

أخيراً من المهم إعتبار النوم عاملاً أساسياً في الحفاظ على صحتنا، وأن النوم بين ٧ - ٩ ساعات ذات أهمية تضاهي أهمية العوامل الاخرى كالغذاء السليم، الحد من التدخين والكحول، الرياضة وغيرها ... لذلك علينا إتباع خططاً فعالة لمواجهة الأرق والحؤول دون إستخدام إلحبوب إلمنومة التي وللاسف تباع أحياناً من دون إلحاجة إلى إستشارة طبية!!  ومن أهم هذه إلخطط :
 ١) عدم تناول مأكولات دسمة في ساعة متأخرة من النهار
٢) تجنب القهوة والشاي  قبل الخلود إلى النوم لما تحمل هذه إلمشروبات من عناصر منبهة واستبدالها بكوب دافئ من الحليب
٣) إعتماد روتين خاص بالنوم : كإحترام موعد إلنوم الذي من إلمفضل أن يكون ثابتاً من ليلة إلى أخرى وإعتماد تصرفاً يزيدنا هدوءًا وإسترخاء كاخد حماماً دافئاً أو القراءة في إلسرير مثلاً.      
    

mercredi 26 juin 2013

المضادات الحيوية تزيد من خطورة البكتيريا

إن سوء إستخدام المضادات الحيوية (antibiotiques) وإفراط الأطباء في وصفها، أدى إلى زيادة مقاومة البكتيريا لها وبالتالي إنخفاض فعاليتها. وفي ظل ضعف إستثمار شركات الأدوية في تطوير المضادات الحيوية أو البحث عن أخرى جديدة، بإعتبار أن هذا المجال غير مربح، نواجه حالياً أزمة قد تعيدنا إلى ما قبل ١٩٢٨ حين اكتشف الكسندر فليمنغ (Alexandre Fleming)  أول مضاد حيوي: البنسلين (Pénicilline)!! كيف تكتسب البكتيريا هذه المناعة لتقاوم الادوية؟  وكيف يواجه العلم هذه المعضلة؟   


إن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية (antibiotiques) ليست بالعملية المعقدة. انها تعتبر، مثلاً  غير معقد لنظرية '' التطور'' (Evolution) التي أسسها العالم داروين (Darwin). المضادات الحيوية تستخدم في حال الإصابة بالعدوى للقضاء على البكتيريا أو للحد من تكاثرها. انها تستخرج من البكتيريا أو الفطريات؛    التي تفرزها للدفاع عن نفسها بالقضاء على بكتيريا أخرى تهدد وجودها.
 البكتيريا التي تصيبنا بالعدوى ليست جميعها متشابهة فهناك دائماً قلة قليلة منها تملك خللاً في الجينات (mutation)، هذا الخلل قد يؤثر في بعض الأحيان على خفض حساسية البكتيريا تجاه المضادات الحيوية مما يجعلها '' مقاومة '' للأدوية. لهذا، المضادات الحيوية تفتك بسرعة بالكمية الأكبر من البكتيريا في حين أنها لا تقوى على البكتيريا المقاومة (Bactéries résistantes). هذه العملية تسمى ''إنتقاء'' (Sélection)، وهذا ما يسمح للبكتيريا المقاومة بالتكاثر والتأسيس لظهور جيلاً جديداً من البكتيريا المقاومة التي تتطلب إستعمال مضاد حيوي أقوى لازالتها!! من أهم البكتيريا التي أصبحت مقاومة للبنسلين، هي العنقودية (staphylocoques) والتي تكثر في المستشفيات وقد تؤدي إلى الوفاة. 

كيف يمكننا الحد من ظهور البكتيريا المقاومة ؟ 

١) من المفروض أن المضادات الحيوية لا تعطى من دون وصفة طبية، ولكن إن لم تكن هذه الاجراءت متخذة علينا عدم إستهلاك المضادات الحيوية إلا عند الحاجة الماسة، كما علينا التنبه أن ليست كل الحالات تعالج بالمضادات الحيوية فهناك حالات كالرشح والزكام تسببها الفيروسات وبالتالي لا تنفعها المضادات الحيوية التي ينحسر مفعولها على البكتيريا فقط.
٢) إتباع إرشادات الطبيب!! الطبيب عادةً عند وصف المضدات الحيوية يطلب من المريض أخد كل حبات الدواء التي وصفها حتى بعد شعوره بتحسن ملحوظ. هذا الإجراء مهم جداً للحد من ظهور البكتيريا المقاومة وذلك أن البكتيريا  القليلة المتبقية عند توقف العلاج قادرة على نشر العدوى وتكون في غالب الأحيان أنشط من العادة.
من جهة أخرى تعتبر المستشفيات أكثر الأماكن التي تساهم في نقل العدوى وخصوصاً المستعصية منها لذلك عمدت الولايات المتحدة إلى فرض اجراءت صارمة في المستشفيات مثل نظافة الجسم الطبي (تطهير اليدين بعد كل معاينة...)، فصل المصابين بالعدوى عن باقي المرضى، السرعة في تشخيص حالات العدوى ... ساهمت هذه الاجراءت في الحد من ظهور حالات جديدة من العدوى. 



ما الذي يعيق تطوير المضادات الحيوية؟ وما هي الحلول المطروحة؟
في حين تتهافت شركات الأدوية على البحث عن حلول وعلاجات لمرض السرطان، الاستثمار في مجال تطوير المضادات الحيوية أو إيجاد أدوية جديدة يعتبر غير كافي و لا يشكل أولوية عند هذه الشركات. والسبب الأساسي في ذلك هو المردود المادي، ففي مقارنة سريعة يبلغ ثمن دواء لمعالجة السرطان الآف الدولارات، في حين لا يتعدى ثمن المضادات الحيوية مئات الدولارات!! كما أن المضادات الحيوية لها مفعول سريع ويصفها الطبيب خلال فترة زمنية قصيرة لتجنب ظهور بكتيريا مقاومة - كما سبق وذكرنا- وهذا لا يحقق الربح لهذه الشركات. وما يزيد الطين بلة هو إمكانية مقاومة البكتيريا لهذه الأدوية وبالتالي تصبح غير مجدية وتفقد قيمتها بالكامل. كل هذه العوامل تجعل هذا المجال غير جاذب للإستثمار.

 حالياً، تسعى الدول جاهدة لتشجيع الباحثين على تطوير المضادات الحيوية وإكتشاف أخرى جديدة، ومن أهم الخطط المعتمدة: تمديد صلاحية براءة الإختراع، تقديم المكافأت للشركات المتقدمة في هذا المجال كتقديم الولايات المتحدة ٤٠ مليون دولار لشركة GlaxoSmithKline لمساعدتها وتشجيعها  ... وجديد البحث في مجال تطوير المضادات الحيوية، تمكن فريق من جامعة بوسطن من زيادة فعالية المضادات الحيوية الحالية بإضافة عنصر الفضة. لقد عرف الفضة كمضاد للبكتيريا منذ عقود، ولكن طريقة محاربته للبكتيريا لم تكن مفهومة. هذه الدراسة الجديدية التي اجريت على الفئران دلت أن الفضة قادر على خلق '' مسام '' في غلاف البكتيريا ما يسهل دخول المضادات الحيوية بشكل أسهل والقضاء على البكتيريا حتى المقاومة منها. تعتبر هذه النتيجة التي توصل لها هذا الفريق واعدة ولكن تتطلب المزيد من الدراسات لمعرفة كمية الفضة المناسبة الواجبة اضافتها على المضادات الحيوية من جهة وإختبار فعالية هذه التركيبة على الانسان من جهة أخرى.
 وفي المجال نفسه، وفي دراسة ما زالت في بدايتها،  أظهر فريق في سيدني (أستراليا) أن زيادة العسل على المضادات الحيوية (Oxaciline، Rifampicine)، يساهم في تعزيز فعاليتها والحد من تكاثر البكتيريا العنقودية التي أصبحت خطيرة!! أما مكونات العسل المسؤولة عن هذا الدور لا تزال مجهولة وتتطلب المزيد من البحث.   

نظرية التطور بحسب داروين : التطور هو حدوث تغير في الجينات قابل للتوريث يؤدي إلى زيادة فرصة بعض الأفراد الحاملين هذا التغيير بالتكاثر أكثر من الأفراد الذين لا يحملونها. ومع الوقت، يمكن أن تنتج هذه العملية ما نسميه انتواعاً، أي تطور نوع جديد من الأحياء بدءاً من نوع موجود أساسا.     
1) Müller, P., et al. (2013) Synergism between Medihoney and Rifampicin against Methicillin-Resistant Staphylococcus aureus (MRSA)PLoS ONE 8(2), e57679. doi:10.1371/journal.pone.0057679

mercredi 19 juin 2013

هل كانت انجلينا جولي على حق؟؟


بعد وفاة أمها وخالتها بسرطان الثدي، قررت الممثلة الأمريكية انجلينا جولي (Angelina Jolie) إستئصال ثدييها والمبيضين (ovaires) لتفادي خطر السرطان. وقد اتخذت هذا القرار بعدما علمت أنها تحمل، مثل والدتها، خللاً في الجين BRCA1 يرفع إحتمال اصابتها بالسرطان إلى نسبة ٨٧٪ لسرطان الثدي، ونسبة ٥٠٪ لسرطان المبيضين. في مقال لها نشر في النيويورك تايمز في ١٤ ايار ٢٠١٣، عمدت الممثلة على إعلان قرارها وعدم إجراء هذه العمليات بشكل سري لتقول للنساء في نفس حالتها انهن يملكن الخيار لتغيير مصيرهن الذي قد يكون محتوماً في بعض الأحيان... هل كانت انجلينا جولي على حق ؟ ما هو دور الجينات في سرطان الثدي؟ وكيف يمكن للعلم توقع الاصابة به؟




يعتبر سرطان الثدي من أخطر أنواع السرطان التي تصيب المرأة، وفي حين كان منتشراً خصيصاً في البلدان المتطورة (الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، فرنسا و غيرها...)، أصبح إليوم يهدد النساء في مختلف أنحاء العالم!! لا يمكن تحديد سبباً واضحاً للإصابة بهذا المرض، ولكن يمكننا الحديث عن مجموعة عوامل تساعد على التأسيس لورم سرطاني. من أهم هذه العوامل، توارث خلل جيني معين (mutation génique) ينتقل في العائلة ويظهر ذلك جلياً ببروز حالتين أو أكثر من سرطان الثدي في العائلة القريبة (أم، أخت، خالة،...)؛ من أهم هذه الجينات: BRCA1، BRCA2 (أو ما يعرف بجينات سرطان الثدي) و p53. هذه الجينات في الاصل لها دور أساسي في الحفاظ على الخلايا سليمة، فهي '' حارسة الخلايا '' وتسبب موتها عندما تصبح الخلية هرمة أو عند حصول أي خلل في جيناتها. لكن عندما تتعطل هذه الجينات الحارسة، تبدأ الخلايا بالانقسام إلى ما لا نهاية وهذا ما يسبب ظهور الورم السرطاني. نمتلك الكثير من هذه الجينات الحارسة ولكن الجينات المذكورة أعلاه هي الأكثر إرتباطاً بسرطان الثدي. أما العوامل الأخرى فهي كثيرة ومن بينها، التقدم في السن، الحيض المبكر، التأخر في الانجاب، إستهلاك كبير لحبوب منع الحمل.. وكل ما يزيد من تعرض  المرأة لكمية أكبر من هرمون الأسترجن (œstrogènes) الذي ينشط إنقسام الخلايا السرطانية عندما تتكون. علماً أن خطر هذه العوامل وحدتها يرتبط بنمط حياتنا، فيزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي إذا ترافقت العوامل التي تم ذكرها  مع الادمان على الكحول، السمنة، قلة النشاط الجسدي...




الضجة التي احدثتها جولي حول الموضوع، تزيد من رغبة النساء في '' فحص '' جيناتها!! ولكن هذا الفحص غير متوفر للجميع، فهو يوصف فقط في حال وجود حالات من سرطان الثدي في العائلة (كما في حالة جولي). ويعمل هذا الفحص على مقارنة جينات المريض بجينات شخص غير مصاب لمعرفة إذا كان هناك من خلل ما، وتحديد مدى خطورته. بالرغم أن إستئصال الثدي والمبيضين أصبح شائعاً في الولايات المتحدة (٣٦٪ من النساء التي تحمل خللاً جينياً في BRCA تعمد إلى هذا الخيار)، تملك النساء في هذه الحالة خياراً أخراً - قد يكون منطقياً أكثر - وهو الوقاية بإستهلاك، لمدة ٥ سنوات، التاموكسيفن (Tamoxifen)،  وهو في الأصل دواء مستخدم لمعالجة سرطان الثدي. إستعمال التاموكسيفن  حالياً  كوقاية يحد من ظهور السرطان بنسبة ٧٠٪،    ولكن هذا الدواء، للاسف، لا يلائم كل النساء وله عوارض جانبية... كما يمكن للنساء التي يعتبر إحتمال اصابتها بسرطان الثدي مرتفعاً أن تجري فحوصات دائمة ودورية ليتم إكتشاف السرطان منذ تكونه ومن ثم إستئصاله. وتشير دراسة اجريت على ٧٠١ مصابة بسرطان الثدي أن نسبة الوفاة كانت مشابهة عند النساء التي قررت إستئصال السرطان فقط وتلك التي قررت إستئصال الثدي بالكامل. من جهة ثانية يعتبر الاخصائيون أن الفحص الجيني يقدم معلومات إضافية من دون شك ولكن من الصعب في غالب الأحيان تفسيرها بشكل دقيق. كما أن هذا الفحص، وحده، غير كافي لتحديد خطر الإصابة بالسرطان، وذلك بسبب العلاقة المعقدة بين الجينات والبيئة (نمط الحياة، العمر...) ما يتطلب المزيد من الأبحاث في السنوات القادمة.  لذلك يعتبرون أن هناك عمليات إستئصال للثدي وغيرها اجريت في وقت كان من الممكن تجنبها...

تشكل حالات توارث الخلل الجيني المسبب لسرطان الثدي  نسبة ٢٠٪ من إجمالي الحالات، أما الحالات الأكثر إنتشاراً (٨٠٪) تحدث بشكل تلقائي!! لذلك، مهم جداً القيام  بالفحص الشعاعي للثدي، سنوياً بعد سن ال-٥٠ سنة في حال عدم وجود حالات من سرطان الثدي في العائلة، أو مرتين في السنة بعد سن ال-٤٠ للنساء ذات الإحتمال الأكبر بالإصابة بمرض السرطان (وراثة، أسترجن...). علماً أن الأمور تختلف بين إمرأة وأخرى وأن الطبيب وحده قادر على تحديد السن المناسب  لإجراء الفحوصات ووتيرتها منطلقاً من نمط حياة وحالة كل مرأة.

أخيراً، خبر سار للأمهات، تشير الدراسات الحديثة أن ارضاع الاطفال لمدة سنة على الأقل قادرة، بالإضافة لما لها من منافع على صحة الطفل ونموه، على حماية المرأة من سرطان الثدي، ارتفاع الضغط وأيضاً الذبحة القلبية!!  


المصدر:
1) Angelina Jolie,  My medical choice, The New York Times, 14 May 2013
2) Doug Easton, Evidence of gene-environment interactions between common breast cancer susceptibility loci and established environmental risk factors, PLoS Genet, 27 Mars 2013 

mercredi 12 juin 2013

السكري :درهم وقاية خير من قنطار علاج


 يعتبر مرض السكري من الامراض الأكثر شيوعاً في العالم، ٣٤٧ مليون شخص مصاب بهذا الداء حول العالم حسب احصائات منظمة الصحة العالمية (OMS)  لسنة ٢٠١٣ ، والتي توقعت من خلالها أن مرض السكري سيصبح سنة ٢٠٣٠ السبب السابع للوفاة في العالم بعد أمراض القلب، السيدا وغيرها. علماً أن إنتشار المرض يتفاوت بين الدول، فتشهد الدول النامية إنتشاراً أوسع لهذا المرض (خصوصاً بين عمر ٣٥ و ٦٤ عاما)؛ لقد شهدت هذه الدول في الأونة الأخيرة ثورة إجتماعية واقتصادية ترجمت بتغير في الانظمة الغذائية، إنخفاض أو إنعدام المجهود الجسدي، ميل إلى السمنة وإزدياد نسبة التدخين ... ونذكر على سبيل المثال دول الخليج العربي، حيث أن إكتشاف البترول وما ترتب عنه من ترف وتغيير في نمط الحياة (المأكولات الجاهزة والسريعة (Fast Food) ، إنعدام  الحركة بوجود كل التسهيلات التكنولوجية...) أدى إلى إرتفاع شديد لنسبة مرضى السكري بلغت في الكويت نسبة ٢٠٪ بحسب جريدة ''الكنز'' في حزيران ٢٠١٢ في حين تبلغ نسبة مرضى السكري في الولايات المتحدة الأمريكية ،التي تعاني بدورها من إزدياد مخيف للسمنة، نسبة ٩٬٦٪.    

ما هو مرض السكري ؟ 
السكري مرض مزمن يحدث عندما تقل كمية الانسولين أو عند عدم قدرة الجسم على إستخدام الانسولين بشكل طبيعي. الانسولين، هرمون يفرزه البنكرياس (Pancréas) عند إرتفاع منسوب السكر في الدم بعد كل وجبة غذائية، فيعمد على حث الخلايا على إستخدام هذا السكر (glucose) كمصدر أساسي لصناعة الطاقة،  بهدف إعادة منسوب السكر إلى طبيعته أي ما بين ٠٬٨ - ١٬٢ غرام/لتر. هناك نوعان مختلفان من مرض السكري : النوع الأول (diabète de type 1) ناتج عن إنتاج ضئيل وغير كافي للانسولين، و هذا النوع من السكري قد يصيب الأطفال والأشخاص تحت سن ال-٤٠، على المصاب  في هذه الحالة تلقي جرعات  دائمة ومنتظمة من الانسولين. وإذا كان النوع الأول من السكري غير مرتبط بالنظام الغذائي فالنوع الثاني (diabète de type 2) يترافق مع السمنة، نمط الحياة وقلة النشاط الجسدي ... هذا النوع من السكري ينتج عن سوء إستخدام الجسم للانسولين، ويتطور المرض بشكل تدريجي وهذا ما يصعب على المصاب ملاحظة عوارضه (الاحساس بالعطش والجوع الدائم ، ضعف النظر، الارهاق، التبول المفرط ...). ينبغي الإشارة أن ٩٠٪ من مرضى السكري يعانون من النوع الثاني المرتبط في نمط الحياة (Diabète de type 2). يتسبب مرض السكري في مشاكل متعددة تصيب القلب، الشرايين، العيون، وأيضاً الأعصاب؛ تعتبر الوقاية الطريقة الانجح للتغلب على هذا الداء. 

ما هو السكر ؟ لماذا ندمن عليه؟
 إن علاقتنا الشائكة مع السكر تبدأ منذ الطفولة، فنحن نولد بميل أكبر إلى المذاق الحلو مقارنةً بمذاقات أخرى؛ لهذا ينصح خبراء التغذية الحد من هذا الميل عند الأطفال بتقليل كمية المأكولات ذات المذاق الحلو خصوصا في السنوات الأولى من العمر. أما عند الكبار فالسكر يخلق نوع من الادمان، فأمام قطعة حلوى لا يمكننا أن نقاوم بالرغم من اننا نعي أحياناً مخاطر الإفراط في تناول هذه المأكولات... والسبب في ذلك أن السكر يحسن المزاج (mood-booster) بجعل الجسم يفرز هرمون الفرح (sérotonine) لهذا نحتفل دوماً بوجود الحلويات !! كما أن '' السكر يجلب السكر '' فبعد تناول كمية من السكر ترتفع نسبة الانسولين في الدم محاولةً تخفيضها وهذا ما يحدث هبوط مفاجئ في كمية السكر في الدم ويجعلنا من جديد بحاجة إلى إستهلاك دائم للسكر... فماهو السكر وكيف يتفكك في الجسم؟
بعد كل وجبة غذائية يتفكك الأكل إلى مواد بسيطة سهلة الإمتصاص عبر المصران (les intestins) وهذا ما يحدث لمختلف مصادر السكر (كالنشويات، الفواكه، الخبز...) التي نتناولها والتي تتحول معظمها بعد الهضم إلى ما يعرف بسكر العنب ''الجلوكوز'' (glucose) وهو السكر البسيط الذي يمتصه المصران وينقله الدم إلى معظم خلايا الجسم.  ''الجلوكوز'' مصدر أساسي للطاقة فتستهلكه عضلاتنا بشكل كبير، كما تعتبر  الخلايا  العصبية في الدماغ (neurones)  من أكثر الخلايا المستهلكة لسكر ''الجلوكوز'' فهي، وعلى عكس العضلات، غير قادرة على تخزين السكر، انها بحاجة إلى الامداد المستمر بالجلوكوز وأي نقص يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بكوما (Coma).
من المهم معرفته، أن هناك ثلاث أنواع من السكر البسيط التي نجده في الدم :  ''الجلوكوز'' وهو السكر الذي لا يمكن الإستغناء عنه كما سبق وذكرنا، '' الغلاكتوز '' (galactose) السكر الذي نجده طبيعياً في الحليب والذي يتحول في الكبد إلى ''الجلوكوز''، و '' الفروكتوز '' (fructose) وهي موجودة طبيعياً بالفواكه بشكل قليل وتعطي النكهة الحلوة التي تميز السكر ولكن نجدها بنسبة ٥٠٪ في السكر البودرة الذي نستخدمه في حياتنا اليومية، إن '' الفروكتوز '' في كميته الطبيعية المعتدلة يتحول بواسطة الكبد إلى جلوكوز، ولكن استهلاكه بكمية كبيرة يجعله يتحول إلى دهون ما يؤسس إلى السمنة وبالتالي  أمراض مزمنة كالسكري، وأمراض القلب والشرايين... وتدل الدراسات أن هذا النوع من السكر  '' الفروكتوز '' ، نستهلكه بكمية أكبر لأنه لا يشعرنا على عكس ''الجلوكوز'' بالشبع وقادر على إحداث نوع من الإدمان وهو مستخدم كثيراً لتحلية المشروبات (خصوصاً الغازية منها) والمواد الإستهلاكية الأخرى ...

 كيف يمكننا تجنب مرض السكري ؟؟
اثبتت الدراسات أن تغييراً بسيطاً في نمط حياتنا وفي عاداتنا الغذائية، كافي لتجنب الإصابة بمرض السكري أو تأخير الاصابة به (وهنا اتحدث عن النوع الثاني من السكري diabète de type 2). من أهم ما يمكن القيام به: أولاً المباشرة بتقليل بشكل تدريجي كمية السكر التي نزيدها يومياً إلى السوائل (قهوة، شاي...)  وتحلية الحلويات قدر الإمكان بمواد محلية طبيعية و صحية (عسل، دبس، sirop..)، ثانياً الإنتباه إلى ما نشتريه من السوق وتجنب كل ما يضاف إليه سكر أو فروكتوز. ثالثاً إعتماد النشاط والحركة اليومية على الأقل لمدة نصف ساعة في اليوم؛ وإلى كل الذين يعتبرون أن لا وقت لديهم للرياضة عليهم على الأقل أن يكونوا نشيطين خلال اليوم ويبتدعوا  طرقاً تمنحهم حيوية ونشاط  كصعود الدرج بدلاً من إستخدام المصعد، أو ركن السيارة بعيداً عن مكان العمل والذهاب مشياً... هذا النشاط اليومي بالإضافة إلى الرياضة يساعدنا على حرق السكر الفائض في الدم بدلاً من تكدسه على شكل دهون وتأسيس لمشاكل خطيرة في القلب والشرايين (الجلطة...).بإختصار النشاط و النظام الغذائي السليم (سكر و دهون أقل) يجنبنا مرض السكري وما يتبعه من مشاكل.

أخيراً تدل الاحصاءت أن استهلاكنا للسكر في إرتفاع خطير ففي حين كان لا يتعدى ٤ ملاعق يومياً من ١٠ سنين اصبحنا نستهلك اليوم ٢٢ ملعقة يومياً ومعظم هذه الكمية ناتجة عن السكر المضاف إلى مأكولاتنا دون أن ندري !! لذلك فريق من الباحثين في كاليفورنيا إقترحوا زيادة الضرائب على هذه المأكولات، زيادة تشبه تلك التي نشهدها على الكحول والتبغ لما للسكر من مخاطر قد تكون في بعد الحالات أكثر فتكاً من الكحول والتدخين وغيرها...